من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

الأربعاء، 10 فبراير 2016

موقف العشق


أ- قبض
[ 1 ]
امرأة غازلت ثوبها الورد ثم استوت فوق سجادة
من جسوم الزنابق
والقز
بعض الأيائل - ترعى فرادى - بقمصان أشجارها
هل لها من عشيق سواى بهذى المدينة؟
من يرسل الطير - محتبساً - فى انطلاق الرياح
السوانح
ثم يعود وصافاته كالغزالات
يرتعن فى البيد
والجبل الصائف المتخضر
قرب ذراها
وما هالنى بعض هذا الذى هالها
اتخذت لها شاهداً من مقامات موتى
وصلبان بعض العذارى
وأكملت أركان وقتى بأسمائها
ثم قلت
لعل الذى دَلَّه دُلِّه..!!
دمى باسط جرحه فوق أعجازها أو سلالاتها
مرة
كاد يخدعنى فانقبضت كحرفين مشتبكين
ونمت طويلاً على العتبات الصقلات ثم بكيت
أذى دارها؟؟ واقتربنا؟؟
فصل
[ 2 ]
تلنى للجبين هواي فصحت وصاحت
خيول الرمال الظميات جاءت وأرخت أعنتها قرب أعتابنا
فاشربوا
وامكثوا فى المضارب بعض العشيات أو فاشعلوا نارها
خلفها كان سهل من الماء يعلو
وكنت رقدت طويلاً على بابها
فمن ذا الذى جاءها والنجوم انطفت
وكانت تغلِّق أبوابها
قلت: موتى وشيك بأعتابها
دلنى صوت طير يطير قريباً على مرقد من حرير وخز
أكنت انتظرت طويلاً؟
ونقر خفيف على الباب من؟!
قلت: هيا افتحوا وامنحوا للغريب المسافر بعضاً من الزاد
مازادنى بعض هذا الذى زادها
قلت
أحمل صرة موتى وأرحل
علّ الذى صده صدها.
فصل
[ 3 ]
كان طير يحلق فوقى ويهوى قليلاً ليمسح فوق جناحى
طيور من الضوء خضر تتابعنه
فمن ذا الذي دلها؟
ربما طافها طائف واختفى
فاختفت كالنجوم المغيرات هذي اليواقيت
من ينقذ العير رحلتها أوشكت
وحادى القبيلة قد خاله الخيل أو خانها
- خلِّه يستبين مواقعه -
فالشعاب مسالكها أدلجت
والمهارى السلالات فرت كخطفة برق
وهذى الأيائل ضلت طرائقها بين شعث الجبال
وصفر الشموس انتهى وقتها والرَعاء انتهوا
قرب ورد شحيح
وهذي الغزالات ضامرة
نالها بعض هذا الذى نالها
ثم كنت هناك إلى سدرة لم ير القلب فيها سوى ذاته
فانحرفت يميناً وحاولت أنظر
لم أستبن أى شىء وحاولت أسمع
فى الأذن وقر
ترى ابيضت العين مما بها أو رأت؟
ما الذى أشعل الرأس شيباً؟
فصل
[ 4 ]
وكنت انحرفت يساراً
صرير الحروف أصر
وأصمى الصِّبا والصَّبا
ثم غشَّى علىّ
أجرنى
- سلام عليك وحين ولدت وحين تموت وحين ستبعث حياً -
وراودنى القلب عما به
فاستجرت بأترابها وما جارنى أى شىء
رأيت دمى سائلا فوق صدرى
وخصبت أطرافها
كم تبقى من الموت
سهماً رميت وما قد رميت أصادت سهامى أم صادها؟
فصل
[ 5 ]
قلت: أرحل خلف اليمانينَ
ركب.. وعيس بأطراف أجفانها
أو رمتنى بلحظ من النار كالمهل يشوى الفؤاد ويترك فوق الأعنة
آثارها
ليتها
من لها فى المدينة غيرى؟
وأدلجت فى الليل
تحتى يئز الحصى
والخطى شابها بعض هذا الذى شابها
ثم طال السُّرى والثرى - كالثريا -
وزالت عن الحى بعض النجوم
وأوشك ليل السُّها فى السَّها
ثم همت بنا
وهممنا بها...!!
أوَ كان الذى همنى همها؟؟
فصل
[ 6 ]
ربما
ويا صاحبى: ارفقا... أو قفا.. وابكيا.. واشفقا
وانزلا عند ربعٍ قديمٍ
وقولا لها
أقيمى هنالك بعض الهنيهات
هذى الديار بها ما بها
فالنوى
والنياق
وخضر الخيام الكثيرات من ذا يقلِّع أوتادها؟
قلت
يمم
- تيممت - ...
حتى استوت فى الظهيرة أقمارها.
فصل
[ 7 ]
ثم كانت شقائقها كالدهان
استرحنا قليلاً من السير فوق التراب
وصعَّدنا نحوها خطوها
أطلت مع الغيم عين المها
كان قلبى كليماً
وليلى كليماً
وخطوى كليماً
أكنت كليما - بساحاتها - ثم كانت كذاك من الوجد كلمى
أهذى سليمي تشقشق؟ أم ذى مها كالمها؟
هل ستفتح؟ أم ستغلِّق أبوابها - دونها - ؟
كان قلبى لها


فصل
[ 8 ]
ثم أُذن فى العير
هبت رياح على الأرض صفر وأشعل بعض السُّرى ليلها
وارتحلنا
ارتحلنا وكنت أجفف قلبى
دمى كان أحمر مثل الشقائق
هل سيقود إلى بهوها؟
يا لها
هل لها من عشيقٍ سواى بهذى المدينة؟
يا ليتها
كم تبقى من الوقت؟
ما دلنى غير برق يخصِّف أقمارها
هل ترى برقها؟
حمحمى
أوقفى قرب هذى المضارب بانت سعادُ
أهندا ترى أم تُرى ما دهى؟؟
ب- فيض
[ 1 ]
قطرتان
وينفصل الضوء أو يعتم الأفق شيئاً فشيئاً
ويلتحم الجسدان
على ساحل الأخضر المتوقد
والأبيض المرمرى
الذى يتكسر فوق سهول
من العاج
والآبنوس
وبحر من الحمرة المطلقة
هدأ الضوء
فانسحبى يا خيول الرماد
امسحى عنك بعض التوقد ثم اصهلى مرة
مرتين
ثلاثاً
وعشراً
- فهل يتبين خيط الفجر الأبيض من خيط الليل الأسود
أو تصَّايح بعض الديكة معلنةً
عن بدء صباحٍ
مملوءٍ شغفاً؟
فصل
[ 2 ]
كنا استرحنا قليلاً على الورد
ثم استوينا على العرش
فوق الأرائك معقودة بالنجيمات
وانفلق البرق من فوقنا خصلات من الضوء
هل تستريح التويجات فوق أسرة أجسادنا لغة تستقر على
صدفات المحار
نخيلاً
وزيتونة
وحدائق غُلباً؟
أهذى الفرشات وعل يطارد وعلاً
ويربطه فى خيوط من القز واللون
سرب من البقر الأبيض المتوحش ينحل قرب العشيبات آنية
من زجاج
- ولؤلؤ منثور -
على جبل شاهق من زهور وماء؟؟
فصل
[ 3 ]
من يشعل النار فوق خرائط أجسادنا زبداً يتطاير فوق حدائق
أجسادنا
خمرة
تتقطر أو تتعصَّر؟
هذى الفراشات - جامحة - تتعقب بعض الأيائل
وهى تفر إلى السهل
- مفجوعة -
تتربص بالغور والظل فى الشمس
هل تتنكر للرمل ألوانه؟


فصل
[ 4 ]
حداء
آ...آه... يا قاصراتِ الطرفِ وياذواتِ الأكمامِ..!!
اقتربن دمى يحترق
واغتسلن أمامى عرايا
ولا يحجبكن عنى إنس ولا جان
لا صلاة.. ولا حياة
لا فلاة...
ولا موت
يا قاصراتِ الطرفِ
ويا ذواتِ الأكمامِ
اجعلننى أتمتع منكن بالغناء
وانشرن بهجة أعضائى على المنائر القديمة والقلاع العتيقة
كى تهتدى السفائن لى
وتحط طيور النوارس المجهدة على ذؤابتى
وقمم ثلوجى المشتعلة
حتى يأتى قمر أخضر - ضال - فيهتدى لى وينير ممراتى الضيقة وبدنى
المعتم
ليكشفنى أمامكن.
فصل
[ 5 ]
آه
فضة أصواتكن مرايا وأخاديد
خدوركن هوادج للشتاء والصيف
وخموركن زينة - ومقاعد للكشف والسمع -
احججن إلىّ
أو أصبو إليكن...!!
واملأن جرارى بالماء وشفتى بالتراتيل
وقصبة صدرى بالغناء وعينى بالمحبة وقلبى بالمودة والبراءة والإثمِ
وخلونى أَطّوَّفْ بكن أو طفن حوالى.

فصل
[ 6 ]
ها ولدان مخلدون
يحملون كئوساً من فضةٍ وأباريقَ من يواقيتَ وأساورَ من ذهبٍ
وإستبرق
يجلسون على سررٍ متقابلةٍ
ونمارق خضراء
من زمرد ومرجان
وينظرون إليكن بمودة
واحتدام
افتحن لى
يكفينى منكن عناء السفر ووعثاء الطريق وطول الرحلة
وقلة الزاد
وأنتن لؤلؤ مكنون.

فصل
[ 7 ]
يا قاصراتِ الطرفِ
ويا ذواتِ الأكمامِ
دمى فى رقبتكن إن أنا مت قبل الرؤية والمشاهدة
وحضور حفلات العرس
والتتويج
والتعميد
ألا ترون دمى وقد خضب أطرافكن
وسال على شرفاتكن مرايا وأخاديد
ومقاعد للسمع والبوح
وفوق أسرتكن أزهر وأينع
وكلما سقط على الأرض اهتزت وربت
وأنبتت من كل زوجٍ بهيجٍ؟!











فصل
[ 8 ]
آه يا قاصراتِ الطرفِ ويا ذوات الأكمامِ
أذَّن مؤذن العير - فى غبش الصبح - وأنتن فى خدوركن
تزججن بدمى خدودكن
وتغتسلن به
خمس مرات فى اليوم والليلة!!
















فصل
[ 9 ]
الوعول تفر إلى ناصيات الجبال فتركض أو تتراكض
إذ تلمع اليرقات قريباً من الشجرات العجاف ويمتد هذا الغبار
مدى
ثم ينصهر الضوء - من فوقنا - قطرات من الماس واللؤلؤ
المتدحرج والعاج
هذى الحدائق مشغولة بالبنفسج فى الصبح
حين ينازعها الطل فى الليل
ها جسدى يتطاوح كالنخل من فرط خضرته
والرياح لواقح
تنفرج الشمس من فوقنا وردة تستحم على زبد البحر
ينعقد البحر من تحتنا
زرقة.












فصل

[ 10 ]

قطرتان

ويلتحم الضوء شيئاً.. فشيئاً

وينفصل الجسدان

على ساحل الأخضر المتوقد

والأبيض المرمرى الذى يتكسر فوق سهول من العاج

والآبنوس

وبحر من الحمرة المطلقة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق