كالقبر المنسد.
[ما أجمل
رجليك بالنعلين
دوائر فخذيك
مثل الحلي سرتك كأس مدورة لا يعوزها
شراب
ممزوج بطنك
صِبَّرة حنطة مسيجة بالسوسن
ثدياك
كخشفتى توأمى ظبية عنقك كبرج من عاج
عيناك
كالبرق
رأسك عليك
مثل الكرمل
وشعر رأسك
كأرجوان
ملك قد أسر
بالخصل]
استند الصيف على جذع النخل
وغابت أقمار الليل
وها هى آخر أسراب النمل تغادر مخبأها الشتوى
وترحل في زى ملكى نحو الأوراق المزدانة بالورد
تقاطع فى رحلتها البرية أسراب الطير
امتلأ الوقت دخاناً
وانسدت أبواب الدنيا
نافذة تتفتح فى أبراج الوقت
وشباك لمليكةَ إذ تتوجه صوب البحر
وتسترخى فوق شواطئه المبلولة بالأصداف
وتضفر فى وحدتها شعر ضفائرها المحلولة
ثم تخايلها ريح آتية من جزر الشرق!!
مليكةُ
ها هى ريح العشق تخايلني ثم تهبُّ
وأنا كهلٌ
أتعبني التجوال علي طرقات الصخر
غنيت طويلاً لم يسمعني أحد من قبل
آخيت كثيراً ما بين الغيمة والغيمة
لكن مليكة تتأبى
وتعاند فى رحلتها أن تبدأ
والمركب واقفة
والريح مواتية
وعصافير الغيم تلملم أذيال النوم
وترفل فى حللٍ من زهر أبيضَ
تسبقها رائحة الليمون المخضر
ويحرس كوكبها
طير من نُزُلِ الصيف الشمسِّى
أجراس صلاةٍ تتعالى فى دهليز الصمت
ويسمعها عبد الله
فتهتز الأيكة
والسُّرر المفرودة فوق ممرات القلب
مليكة
لم تأت بعد
وعبد الله صبياً كان
وحين دعته الريح على مائدة الشمس
وغمَّس ماء البحر طفولته
كان يجمِّع حبات التوت ويمشى فى طرقات الأرض
التمّ - عليه - الناس وطعموا
صلوا للغيمة كى تنزل
فوق الأرض العطشى
والمطر الدفاق يهل ويغرق أجران الملح النابت فوق
تضاريس
الزمن
الخائخ
والمحشو بأنياب الجوع
الصاهل من عشب الصخر.
[ما أجملكِ وما أحلاكِ
أيتها الحبيبة باللذاتِ]
انتظر طويلاً عبد الله
ولكن مليكة كانت جنيه
أخذته بين ذراعيها لفته..
فى ثوبٍ كتانيٍّ أبيض
ثم دعته
لمرافئها المجهولة فى أعماق البحر
استضحك عبد الله هناك على جزر المرجان المضفور
بريق الخمر
استلقى - عبد الله - وشاهد حبات اللؤلؤ
إذ تتكور
فى نُزُلِ الرؤيا والسر
سألته مليكة:
هل يذكر عبد الله الصيفَ
وحباتِ العنبِ الأخضرِ إذ تتكوم فوق عشاش الطير
النوام
على سرر الليل؟؟
وإذ يلهو بطفولته
مزهواً بنباتات الحناء الراكضة على جنبات النهر؟
وماذا عن أعواد الكتان المعقود
بتاج الزرقة واللون؟؟
وها هو يلهو
يتصيد أسماك الدغل
ويلقي بطفولته قرب فراشات الحقل ويجلس تحت الأشجار السامقة
هناك علي عتبات الضوء
يكلم بعض عصافيرٍ تهجر
أفراس الحزن المنقوش بداخل بوابات القلب
يداعب سنارتَه
هل تأتى أسماك الماء حواليه؟
هل تغمزُ؟
ها هو
يغرق فى سِتر الوحدة ثم يعانق نشوتَه
منشداً لمليكة
هذى الجنيةُ
من يفجؤها فى هذا الوقت من الليل
ويركب صوب مراتعها خيلاً
من ضوء محمومٍ؟
من..؟!
يدخل أرباض قبيلتها ومرابعها؟
لكن كلاب الصيد تهش
وينقِّر ذبان الوقت جناحيه
ويغزو عبد الله المربع
ها هى ريح نيئة رطبةْ تعدو... تعدو... تعدو
وتمر خفيضاً فوق الرمل المستوحش
ثم تعد الحبات
وتغرس ما بين الرملة والرملة شجراً من أيكٍ
مخضراً
وتخطط نهراً لمياه الغيم
وتهبط فى نُزُل الضوء لكى تعبر صوب حبيبته.
[قامتكِ هذه شبيهة بالنخلة
وثدياكِ بالعناقيد ورائحة
أنفكِ كأجود
الخمر]
كانت سيدةٌ من ذهبٍ ولآلىءَ تعبر
ومياه تتراقص فوق نبيعات الفضة
ثم تحلُّ السيدة - العابرةُ - ضفائرَها
وتفك رباط قميص النوم
وتخلع نعليها
ينفرط الثوب المحموم يعرى بدناً محموماً
ويكشِّف مدناً تملؤها أصداف اللؤلؤ
ياقوت من جنات الصحو يفر
واحدةً
تلو الأخرى
ثم يكور حبلاً من نورٍ حول الصدر العاجي
وينسج متكأً
لضفائرها اللينة الفحماء
المتكسرة على - الجسد البحر -
فتسبحُ
يتبعها الماء
وتترجرج أجزاءُ الجسد البضِّ كزهرات اللوز
القطنى
وحين تلامسها الريح السيالة
تستضحك للماء
وتكشف عن سِنَّتها للشمس اللينة الرخوة
تستضحك لطفولتها
يأخذها شوق يخلبها إذ...
تتثنى فوق كريات الرمل الناعم يحضنها ويؤاخيها
ثم يهدهد أقدام عصافيرٍ تتبعها
وفراشٍ
يقفو خطوتها
واحدةً بعد الأخرى تأخذ سنتها الشمس
وتعطيها وجداً كالجمر
وتبحث عن رجلٍ لم يخلق من قبلُ.