من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

السبت، 13 فبراير 2016

السيدة الخضراء (وجد) 7


[وحبيبي أبيضُ وأحمرُ  معلم بين ربوةٍ  رأسه ذهب إبريز  قصته
مسترسلة  حالكة  كالغراب  عيناه كالحمام  على مجاري المياه
مغسولتان باللبن  جالستان فى وقبيهما خداه كخميلة الطيب
وأتلام رياحين زكية  شفتاه سوسن تقطران مراً مائعاً  يداه
حلقتان من ذهب  ومرصعتان بالزبدجد  بطنه  عاج أبيض
مغلف بالياقوت الأزرق... ساقاه عمودا رخامٍ  مؤسستان  على
قاعدتين من إبريز]

  
وجد:


أيلٌُ يتريض قرب سواسن ظلٍ
غيم يخرج عن دائرة الغيم
سماء
تمطر أفقاً من برقٍ
يتحلق قرب نجيمات الحلم
امرأة تتربص بالشمس   وتركض فى منحيات الزرقة والأسر
هل شاهد عبد الله الرؤيا؟
ها شاهد..
واسترق السمع؟
هل شاهد وانكشف السر؟
كانت سيدة الزمن المثقل  والخطو المثقل
تتنقل ما بين الظل وبين الظل
وتكشف عن ساقيها
زبد يتطاير من أفق البحر
ويغسل أشرعة السفن هنالك فى الميناء
انفتح البرزخ
وارتطم البحران
فهذا عذب وفرات
والآخرُ ملح أجاج
وهاج
هدأت واستلقت فوق أريكتها الخضراء
وراحت تنظر نحو السقف المبهم  والغيم المبهم
ثم تغادر رحلتها صوب الشطئان المجهولة
والخلجان الأخاذة
لنهارٍ
يتعلم كيف يفجُّ من الليل المرصوص
على سِندان الظلمة
والوقت 
أرخت لليل ضفائرها
ضجت موسيقى الوحدة
والغربة
وانكشفت فى سجن الصمت سماوات الصبوة
راحت تبكى أشجار السنط البري الواقف فوق حواف الترع
العطشانة
والكافور المتصاعد  نحو سحابٍ
لم يسق بلداً ميتاً
من قبلُ..
اهتزت بالرقص المتخافت  سألت:
إن كان الفجر قريباً من شرفتها؟
أرخت لليل سحابتها الدكناء
وراحت تقرأ كى تطرد أشباح النار الشتوية
لكن البرد هنا قاسٍ
والثلج ينزُّ
ويتكاثف 
شيئاً
شيئاً
يغزو هدب أسرتها
يتعلق طير مصلوب فوق شجيرة بلوطٍ عطشى
لفات دخانٍ لم يبلغ حد نداءٍ محمومٍ بعد
وها هى تتعلق ما بين الغرفة والسقف
تحاول أن تسترجع شىئاً مما فات
ولكن الوقت يمر بطيئاً
كالساعات الأولى
لرحيلٍ  ممرورٍ وبطىءٍ
ها هى بعض نداءات الصبوة
تغزوها رجفة
موتٍ مستترٍ 
تتعلق عيناها بامرأة الضوء الساقط
وتحاول أن تتوالد من خلل النوة والنوء
وتكشف للشمس طريقاً
لانَ كأعواد الحنطة  إذ تتمايل فى وقفتها من جرَّاء الريح
اللينة
الرخوة
لكن الباب تفتح فجأة
وانزاحت جدران الغرفة  واتسعت حتى وسعت أفقاً/بحراً
يمتد ويترامى نحو اللا منظور المرئى
ضحكت
وانفرجت شفتاها عن برقٍ لماعٍ
صافٍ
كان يؤانس وحدتها
قالت: تجلس أمْ تأكلُ من خبز النشوة؟
لا...
ها أنذا أصنع فنجان القهوة بالضوء
وأسدل فوق الجدران أشعة شمسٍ من قلبٍ يتفتت حرقاً
حرقاً
ظلت تكبر يوماً  يوما
حتى شب حريق النار بجسمى الناحل
واستُشهد فى قلبى طير أخرس
أزهار الرغبة ماتتْ
وانفلتت أنهار النور بعيداً
جفت واحترقت
وأنا أتفتت كنباتٍ جبلى  خادعة القطر  ولم تنزل
غيمات الله عليه
وأفتح بابي كى أدخل...
دعنى أتوضأ وأصلى
فأنا عاشقةٌ لنهارٍ لم يطلع بعدُ
وأرضٍ لم يمش فيها أحد من قبلُ
وطفل 
سواه الله بريق الضوء
وخيلٍ تركض نحو الغابات الخضرا
من وديان الأرض المجهولة
فى رحلة حبٍ لا تكملُ أبداً
عاشقة لصباحات النشوة
والوجد
وحاول أن يتكلم...
غلقت الباب حواليه
انكشفت أسرار وسراديب  لمدائنَ لم يدخلها من قبل
وأغلق عينه طويلاً كى يبصر
لكن لم يلمس شيئاً
أغلق ثانية عينيه...
انفتحت حجب ودهاليز  كانت خافيةً
ها هى أصداف
ولآلىُ
ونوارس تتنقل فوق شطوط الماء الرائق
غلمان يغتسلون بضوءٍ صافٍ
ويمرون خفافاً
أكواب من فضة شمسٍ
وقوارير من ذهبٍ خلابٍ للأبصار
وأخاذٍ للأنظار
وقطفات من ضوءٍ زاهٍ
بسط من سندس
وأباريق من فضة ماسٍ
يحملها الولدان
وعسل من شهدٍ يتقطر كالبللور
فمنْ يدخل يشرب
من يطلب يأخذ!!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق