قيل لها: أهكذا عرشك. قالت: كأنه هو...
قيل لها: ادخلى الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت
عن ساقيها.
قرآن كريم
فصل
[
1 ]
ليكن ...
سأتبع الضوء إلى عتمة أخرى وأقيم فى الفضاء
صلواتى
إلى أن يحل الليل رموزه فى غابة النهار
ويحل النهار شفرته على مغاليق الليل..
سأتبع امرأة ما إلى بلد ما وأكون بمثابة الشكل
للمعنى
سأدخل الحديقة أولاً
وأقف على سدرة الرأس وأتنفس ما بين النهدين
هواءً صافياً
وأقيم بناءاتى ما بين النهد وشريعة النهد
وأؤذن للصلاة من غسق الليل إلى مطلع الفجر.
فصل
[
2 ]
هل يغسل النهار قدميه فى جسد الليل
أم يتمدد الليل فى حديقة النهار ويظل هكذا
نائماً عرياناً
النهار يقول لليل: أنت قبضة فى يمينى
سأشرق عليك بنوافذى
وأفتح عينيك المغمضتين وأرتب أمراً ما
وأجعل كل جزىء منى
يقف على حقيقة كل ذرة منك
هنا سأبتكر لك كلاماً ما يليق بك
فابتكر لى كلاماً
يليق بى
وأخرج من معناك إلى فوضاى
ومن فوضاك إلى معناى..
فصل
[
3 ]
هل أحمل فى يدى مشكاة وأقف على بوابات جسمك
وسراديبك وأتسلل من بين عساكرك وأعضائك عساى
أحيط
بك؟!
النهار يقول لليل: لماذا يقف الخيط الأبيض قدام
الخيط الأسود
وينازله؟ ولماذا اختلط اللونان؟
أأنت معني
وأنا معنى؟
ما هو معناك إذن..
وما هو معناى؟
الليل يقول للنهار: أنا من طينة وأنت من طينة
أخرى
أيها النهار: سأقف على قيد ذراع منك وأنازلك
وأفصح عن
هيولاك
إذن..
أعدك بالمحو كما تعدنى بالصحو
أنا سكرك وأنت إفاقتى أيها النهار
سأورق على تخوم شمسك
أنت من رعاياى
كما تعدُّنى من أتباعك....
فصل
[
4 ]
ليكن...
سأتبع الضوء إلى عتمة أخرى
وأتبع امرأة ما إلى بلد ما..
وأكشف عن حصى الرغبة على حصير الجسد وأوسِّد
الشهوة
مفاصل النساء
وأفك كل حرف من حروف الأبجدية بقبيلة منهن وأقيم
بين
كل امرأة وجسمها أعراساً
وحقلاً من الرجال يزرعون دأباً فيحصدون ويحرثون
من أول
الليل إلى آخر النهار عندئذ
سأقول للمرأة هيئى عرشك لى
فتقول: بخ.. بخ.. هييت لك ما أجملك!!
فصل
[
5 ]
أنا أول الحرف
وأنت آخر الكلام..
أنا أول الضوء وأنت آخر الظلمة
أنا الأبد والأزل وأنت اللحظة المجزوءة لاغير
أنا السدرة وأنت الهاوية
دعنى أكشفك لى وأكشف لك عنك فأنكشف أمامى أنا
المعنى
وأنت شكل المعنى
قلت أستخلص من النساء واحدة وأزين بها عرشىَ فلا
أبالى
بالليل
ولا أعبأ بالنهار
حيث الحياة رحلة دائمة إلى الموت الدائم
والموت رحلة دائمة إلى الحياة الدائمة/
هى مركز الدائرة
وأنا نقطة على المحيط..
هى المجرة السابحة فى الفضاء الغويط وأنا الجزىء
الغُفل
هى رمز الصيرورة
وأنا زمن التلاشى.
فصل
[
6 ]
هناك..
حيث يرقد الأزل فى بحر الهيولى والكائنات بلا
اسم ولا رسم
وبلا شبح
أو صورة
حيث كل شىء كأن لم يكن
هو العدم فى مجرة اللانهاية إذن... آ... آ...آ
حيث الكاف خارجة لتوها من الظلمات
ومتوجة بالإرادة والرغبة
حيث الزمن لا شىء
والمكان لا مرئيات.
سأقول للريح أن تنكش البيوت والشوارع وتطفىء
المصابيح
وسأحترق بالرماد يوماً ما
وأصلى على جثمانى صلاة دائمة حتى أرى القمر
بازغاً
فأقول له:
أأنت هى؟؟
فصل
[
7 ]
عينها بحيرة ساكنة
وجسمها براكين...
صدرها مجرة مكشوفة ونهدها أغادير
جذعها نخلة ضارية وبطنها فتوحات
وما بين النهد وعريشة النهد تكون سموات وأرض
برمل وأشواك
وعلى ساحل النهد تكون غابات بها الوحوش حشرت
ومن الأحراش ما لا عين رأت ولا أذن سمعت
وعلى جزيرة الجسد ترتبك الذاكرة ويبحث الزمن عن
اكتماله وفوضاه
هل يكشف الزبد عن سره
وينقبض البحر إلى نقطة فى الدائرة؟
أرى شجرةً زاكية تخرج من فوضى الجسد وجذع المرأة
فأظلل
بها وأكلل بها وقتى
إلى أن تُرِيَنِّى من الحال والكلام ما أخوض به
لجة الجسد ومحار الحرف
وأنجو من الموت فلا أطفو إلا على ساحل الجسد أو
أموت ولا
أخرج منه إلا إليه
عندئذ
أشرق بنور شمسى على بحيرة الجسد الخضراء وأتهجى
حروفه
وأفك مغاليقه وطلاسمه.
فصل
[
8 ]
ألمس حصيرة الجسد فأجد فضاءً شاسعاً
يفصح الجسد عن تأملاته وأقاويله
فأنفض غبار النوم وطراوة الأعضاء وأقعد تحت شجرة
الجسد
وأرتكز على منعطفاته
ودروبه
وأفتح باباً ضيقاً حَرِجَاً لا يفضى إلا إليه
هو بمثابة الألف
وأنا بمثابة الياء
هو بمثابة الحركة
وأنا بمثابة السكون..
كيف أستعين على الجسد بالمجاهدة والكتمان حتى
يكشف لى
عن سماواته
وعدد نجومه وحصى طرائفه
للجسد/إذن/أبواب سبعة وسماوات غير مأهولة ولا
دانية
وما بين سماءالجسد والجسد مثلما بين الموت
والحياة من حقيقة
ومعنى.
فصل
[
9 ]
أنكش الجسد بحصى الجسد
فيتذرع بحركاته وسكناته وأقف أمام بوابة الجسد
فارغاً وأتكىء
على جسمي بالصبر وعلى أعضائى بالبلوى وعليها
بالمراوغة
والتسليم حتى أقبض بيدى على شىء منه
هل هى بداية المحنة أم محنة البداية؟
سأنشق إذن على خيانات المعنى وأرتكب خطيئة
المجاز وأتوقف
قدام حبائل الصورة ودهاليز الاستعارة
وأعود صاخباً
أدفع الزمن أمامى كالعجل المقدس
وأسوقه للذبح عصر كل يوم
وأتخلص من بقية الرطوبة الأولى
وأحبس التخيلات فى قفص النيران
وأدخل جزيرة الجسد متوجاً بالوقت
والإقامة.
فصل
[
10 ]
سأبتكر خبر اللغة
وأكتب عن تفاصيل الجسد وأقاليمه
سوف أخرج من فضاء الفاصلة إلى النقطة ومن النقطة
إلى زمن
الفاصلة
ولا خوف لدىَّ على المعنى
سوف أعبر تحت ركام العالم وممياواته وأتوكأ على
حضارته
المنتفخة ومخاوفه
طوفانى يغلب كل شىء إذن
فلا أسير إلا وفق هواء الرغبة وفوق تخوم المعرفة
يحلو لى أن أجد فراغى فى الفراغ فأدشنه بخرابى
وانكساراتى
يحلو لى أن أتحدث إلى اللغة دون كلمات
وأربيها تحت سقف بيتى كالقنافذ
الهواء جزيرة صاخبة من عالمى الذكورة والأنوثة
وفيه يتمرأى ميثاق عالم الذر وهيولاه بين كينونة
الكاف
وثبوت النون
-
حيث للكمون وقت وللظهور وقت آخر...
الصورة تشكل المعنى
والمعنى هو قلب الصورة وجوهرها بلا منازع.
فصل
[
11]
قلت: سأتخذ سبيلى فى البحر سرباً ولا أمكث إلا
فى الحرف
فلا أختفى إلا بين الرسم والإسم حيث أجدنى
قائماً أصلى أمام
جسد امرأة واحدة
إذن سأعود للوراء
إلى الأبدية
حيث كل شىء فارغ إلا من معناه
إذن
سأخترق تخوم الزمن وأسحب كرسى إلى الوراء وأنزل
إلى بئر
الأبدية الفارغ وأنزع عن الغلاف قشرة الموت
والحياة
وأفتش لى عن صورة هناك...!!
فصل
[
12 ]
واقف أنا/ أتحرك حركة طولية وعرضية فى نفس
الوقت/بلا
رسم ولا كثافة
أجمع ما أشاء من المعرفة وأتحرك حركة هلامية
تقطع الأبد
والأزل فى لحظة
وأتنفس هواء الحرية الأولى ولا ذاكرة لى
تنفتح السماوات أمامى فألفها بشريط أخضر وأخرج
من
الناحية الأخرى
حيث الفراغ الغويط فأدلى ساقى
وأدحرج الأرض بقدمى وأتعلق فى قصبة الهواء
العالقة.
فصل
[
13 ]
إنها المرأة
تنزل بى من جثث الوقت إلى أرائك الخلوة وليونة
العشب
وارتطام الحكايات
إلى حيث يفضى النوم بى عند حدود المعرفة وفناء
السوى
أكتب عن قصب الجسد وليمون الرغبة وحشائش العرق
النازل
على سلم الظهر
ومن سلم الظهر إلى بقية الأطراف وأنسجة الأجنحة
أكتب عن توهجات الأشعة وزوال ما يسمى بالليل فى
دائرة النهار
واختفاء الشمس والقمر عند تلاقى الجسد بالجسد
وعلى غلاف الرغبة أفك طلاسم سحرنى وأنصب خيام
سحرى
وأنتظر أوقاتى
وأقيم أبنيتى إذ تتداعى.
فصل
[
14 ]
أكتب عن ملامسة الخلية للخلية
واكتشاف الحكايات بما لها عند كل ذكر وأنثى من
تفاوت
وأشتعل بفصوص العشب وعناقيد الرغبة الخبيئة المحتدمة
عند كل طرفٍ
وتحت كل ثنية أهز كلماتى فينفرط عقد لسانى ويشى
بى
أمام كل رجل وامرأة وعند كل صاحب طريقة وفى كل
مقام
وعلى امتداد كل زاوية أقيم صلواتى ونسكى وأقول:
هنا
محياى ومماتى
وعلى مشارف النشوة لا أفكر فى النوم ولا أعبأ
باليقظة
فقط أكون هكذا:
عينان زائغتان ولا تستقران على شىء
وما بين سماء الإبط والإبط تقوم مدائن الأولين
والآخرين بما
فيها من نمارق مصفوفة
وأحجار كريمة
وأنهار من عسل مصفى هو لذة للشاربين
فلا يدخلها إلا إياى.
فصل
[
15 ]
أكتب عن تلاشى الذاكرة وفيوض الأشياء
عند فيض كل رجل على امرأة بعينها وفيض كل امرأة
بعينها
على سلالة بأكملها
أكتب عن ملامسة الليل للنهار
وملامسة النهار لليل
حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وأنا
قائم بمشاغلى
أكتب عن انسلاخ البدن فى أقصى البدن
وتكاثر الأرض على شفا الجسد
وأبحث عن امرأة أخرى
بها ما فى الأولين والآخرين من تفاوت هو المعنى
ومن معنى هو الأزل والأبد
ولا فرق لدى إذ يختصمون فيها وأنا أسمع وأرى..!!
فصل
[
16 ]
أقبض بيدى على غصن سماء نازفة وأتوجنى شيخ الوقت
أتشبث فى دائرة الرؤيا وأداوم معراجى صوب مقامات
الحال
ألامس غابة أشجار من مرجان
وأفض بكارة أنهار من ياقوت
وأفوض نفسي ملكاً للآلهة الصغرى
هذى المرأة صاعدة من أبخرة الروح
إلى جنات الأنس
شفتاها آخر ما أخرجت الأرض من الضوء
عيناها لؤلؤتان
اختبأ الوقت بداخل إحداها
والأخرى جمعت ما فى الأرض من المأوى
كيف أرتب أشجارى فى طاولة الأمس
وحالى ممتد عبر الوقت
وكيف أمد جسورى لسماء نازفة..
وأداوم معراجى صوب مقامات الحال؟
فصل
[
17 ]
إنها الذاكرة
تشعل ما يتبقى من الليل فى غابة النهار
وتشعل ما يتبقى من النهار فى غابة الليل وهواجس
الأمهات
ها هى ذى عربات اللذة آتية من خلف بوابة الجسد
وعليها من الصهد وكلام النهار ركام
ونتوءات
لتنصب توهجاتها تحت خيمة الجسد وعلى امتداد
أراضيه
ومشارف سماواته
وتقيم تفرعاتها
واحتفالاتها
فوق شجرة وحيدة تسمى الرغبة
وهى مواطن الألوهة
ومنابت الشمس ومنازل القمر.
فصل
[
18 ]
كيف أكتب تواريخ الجسد وأضىء به شجر النهار
وأزرع بين كل جسد وجسد
جزيرة
من الدم المسكون بالتنزلات الليلية والوصل
وأصلى صلوات لا أول لها ولا آخر
ثم أسجد سجدة طويلة بهية فلا أقوم بعدها أبداً
حتى أرى
الجسد بازغاً
إنها الذاكرة:
طوفى - إذن - أيتها المراكب الراسية عند خلجان
الجسد واعبرى
حاجز الوقت
وتطوحات القيام والقعود إلى أن أخرج من برزخ
النوم
إلى عتبة اليقظة
واهدئى.
فصل
[
19 ]
اهدئى عند خليج يقال له القيامة
وأمام بوابة واسعة
يقال عنها الأرض
كى أقول للجسد: أنت سيدى
وللأرض:
ازحزحى قليلاً فسوف أهبط عليك بأسمائى وشاراتى
إلى أن تقوم الروح بازغة
وبها يعرف الليل طعم النهار ويعرف النهار أنوثة
الليل
فأهتف:
أيها الجسد: أين حدود السماوات والأرض
أيتها الأرض: ما هى حدود السيد الجسد؟!
يعرف الليل شكل الأمكنة ومخابىء النهار
ويعرف النهار خطى الليل
فهل يعرف الجسد شكل توهجاته وعدد أوديته فى الليل
والنهار؟
إنها الذاكرة.
فصل
[
20 ]
ليكن..
سأتبع الضوء إلى عتمة أخرى
وأمد يدىَّ فى هوة الجسد وأقترب من قارورة الروح
ليكن...
سأفتش فى أرض سبأ عن امرأة أخرى تسمى بلقيس
وأسأل عن (وضاح)
(وديك
الجن) وعن هدهد سليمان
وأقترب من حقيقة امرأة ما وأسأل عن صنوبرة الجسد
وزهر النهدين وياقوتة الإبط
واكتناز الصدر واكتمال الأعضاء على أبهة الضوء
وليونة الردفين
وما بين الفخذ والفخذ
من جنات وأقانيم...!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق