من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

الاثنين، 14 مارس 2016

قصائد إلى شاكر عبد الحميد



(1)
تبتكر لنفسك شكل نافورة جديدة
وتحاول أن تصطاد ولو نجمة واحدة
بينما الأفق كله
معلق بغيوم نظارتك !!
(2)
ستضحك كثيراً
نعم سوف تضحك كثيراً
من هذه الغيوم التى تحاول أن تحرق أصابعك
ولكنك
وفى نهاية الأمر ستأخذ البحر ناحية الصحراء
لتلقنه أول درس
فى النبل الإنسانى
(3)
الوحدة
هذه الوحدة اللعينة
الطيبة
المرحة
الشرسة
التى تخبئها فى جيب بنطالك الأيسر
دائما
سوف تتبرع بها لأول عابر سبيل
يحاول أن يقتنص من بين أصابعك
كلمه
كلمة واحدة فقط
تعرف كيف تغيَّر من وضع السماء قليلا
وتقترح شكلاً آخر
يليق بالأرض
(4)
الزمن بغباره
وأشجاره الجافه
وطيوره المملحة
كثيرا ما يحط على شرفة نافذتك
العالية هذه
ليتطلع طويلاً
إلى تلك الشمس الرائعة
التى تربيها بجوار احلامك
وكواببيسك
(5)
سوف تطلع من النوم كأحد النوارس القديمة
وممسكاً فى يديك بلطه
بلطة قويةً بحجم السماء التى نحبها بعمق
لكى تنقَّى الحديقة
من كافة الأعشاب الضريرة
والأسماك الميتة وربما تجلس ذات يوم


كأحد البوذيين القدامى
على شاطئ النيل لتتناول وجبة ً دسمةً
أنت والسماء
على طاولة واحدة !!
(6)
لماذا
لم تقل لكل هذا الألم الذى يجرى فى الشوارع
وينام على الأفاريز
ويضحك فى داخلك دائماً
أن يتوقف قليلاً
ريثما تغتسل من شمسك الباردة هذه
وأن تتخفف ولو قليلا من كل تلك الأحزان
التى تتناثر على الطرقات مثل حبات المشمش
وربما تجفف بطرف ضحتك الخضراء
دموع عينيك اللتين تتشبثان بتراب مصر
ودموع فقرائها
ومواويل عشاقها
وعديد نسائها المتشحات بالسوادِ دائماً
مثل ممياوات شادى عبد السلام
ودموع محمود المليجى


في الأرض
تلك التى تحولت الى غابةٍ
من نخيل
وكبرياء
(7)
لا تبتئس
أيها الولد المحب
فسوف نعرف كيف نكنس الزمن بمعاولنا الصدئة هذه
وسوف نتوقف قليلا فى يوم من الأيام على شرفة النسيان الخالص
وعلى بعد مترين فقط من هذه الغيوم التى تتآكل بداخلنا ونعرفها لنتذكر سوياً
كل أولئك الأصدقاء الذين رحلوا فى سنوات الموت والعمى وخلفوا وراءهم صور خيباتهم
وأمنياتهم
التى تتآكل بفعل الإهمال والندمْ
تلك الخيبات التى نسجوها من حرير النسيان
والزمن
وعلقوها على الحوائط المتآكلة لنحاس الذاكرة الخربةِ


فى شوارعَ معتمةٍ
أو شبه خاليةٍ.
(8)
الألم
هذا الذى نتفحّصهُ بأيدينا
وندحرجه – ليل نهار – تحت أسرتنا كالكمثرى
وينام هادئا
 تحت مخداتنا
سوف نمضغه بأسناننا الوقحه هذه مثل علقةٍ
ونتركه ليعوى على الطرقات مثل كلبٍ
وفوق هذه الأرض
سوف نواصل الغناء دائماً
بلا أحلام مؤكدة
أو حتى ضغينة مسننة
إلى أن تطلع نجمة الفجر التى لا تطلع أبداً
وسوف نبتكر للأرض
اسما آخر يليق بالأمل
 واليأس
(9)
أعرف
أعرف
أنك سوف تذهب إلى أمك فى آخر الليل


لتطلب منها رغيفاً من الخبز اليابس المطحون من الذرة العويجه
والشعير المنقوع بضحكات الأطفال
وربما تطلب منها كذلك شيئاً من الصبر
لتستعين به على طول الرحلة
وقلة الزاد
وها أنت ذا تفتح عينيك على وطنك الذى يشبه خريطة من اليأس وطنك الذى نهبه اللصوص والخونة
وحاصرته الدببة المرنَّة
والثعالى الصخابة
وما عاد بإمكانك أن تجد فيه
مكانا واحداً
حتى لمقبرتك !!
(10)
أيها الولد المحب لا تبتئس
ففى ساعات الوحدة الهرمة واليأس الرنان
أرجوك لا تطلب أى شئ أخر سوى تلك الوردة الصغيرة التى ماتت هناك على جدران غرفتك
وفوق المرايا التي تطاردك أينما تذهب
لكى تضعها فى فمك
وذلك بدلا من الكلمات التى أصابها

العمى !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق