من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

من مقدمة الأعمال الكاملة الهيئة المصرية العامةللكتاب 2016م

الجمعة، 20 مايو 2016

عن النظر وانعدام النظر!!


إلى عبد الوهاب البياتى

أكتب
عن النظر
وانعدام النظر !!
عن المرأة التى تجلس فى حقل مجاور
لتفلِّى رأسها من الأحلام
عن الأرضْ
التى تقرفص منكسرة ً فوق مقعد خشبى
لتنظر إلى السماء
المتواطئة
بطيورها الليلية
والتى تعرف أنها لن تعود منها أبدًا
عن الرجل
الذى ينام فى خلفيّة رأسى
ويحلم رافعًا مؤخرته
التى تشبه حبة التين الشوكى
وفى إحدى يديه يمسك بكرة ِ الزجاج الملونةِ
وبالأخرى
يمسك بقواقع الواقع الهرمةْ
والعدم
- وكلما هممت أن ... -


يضحك بملء كفيه
ويقهقه غارزًا مهاميزه البنكرياسيةَ
فى قصبة صدرى التى تنفغْر
ولا يدع ولو فرصةً واحدة لكافة كوابيسى الليلية أن تهدأ
أو حتى تتوقف لتلتقط أنفاسها
التى تشبه المسامير
والحجرْ
أكتب
عن الحزن الذى يمدّ خراطيمه البلاستيكية َ
ويفتح شفتيه الجهنميتين
بينما يجلس بجانبى
وعلى نفس المقعد هازئـًا
ومطرقعًا أصابعه الخمس
كأنما ليتأمل السماء
وهى تتفكَّك
أكتب
عن السماء التى تخلع ثوبها الأنثوى
فى عز الظهيرة
وتتعرّى بوحشية – ودونما خشيةٍ من أحد –
حتى لا تقع فى التناقض


أو الشك
بينما يتكوم النهار خائرًا مثل قنفذً
على زجاج نافذة !!
أكتب
عن الأرض
التى تنقبض وتنبسط مثل لبؤة !!
عن الصحراوات التى لا تتناهى بداخلى أبدًا
عن الأمل
الذى يضحك كثيرًا من اليأس
بملء إرادتهِ
وعن اليأس الذى ينتظر فى كل لحظةً
على قارعة الأمل
مثل حقلٍ بكلاّباتٍ
وخفافيش !
عن الرّوث الإنسانى الذى يتسعَ
ليشمل العالم الحىّ
والعالم الميت
على حدٍ سواء
عن الوجود الإنسانى المضمحلْ
الذى يتكرمش مثل ورقة كرنبْ


أكتب
عن الشمعدانات التى تنطفئ أسفل المائدة
بينما تسعل وتتثاءب
وهى تبحث فى حقيبتها الكرتونية
عن عجلة الرياح !!
عن القمر الذى ينطفئ بيأس كامل
وهو فى كامل الهيئة
عن النجمة التى تعوى فى العراء
ودون أن يسمع عواءها أحد
عن الحديقة التى ترفض أن تقيم فى النظر
عن النظر
وإنعدام النظر
فى حديقة الآلهة الجافة
وعلى بوّابات الجحيم
المتشققةِ
أكتب
عن مدرسة الذباب الأعمىَ
التى تئن بالأفكار المدروسةِ
وغير المدروسةِ
عن النسبية


والكوانتم
وما بعد الحداثةِ
أكتب
عن الديكتاتوريات المباشرة
وغير المباشرة للدولة العصرية
عن الديمقراطيات
المكللة بالرعب
والدمَ
عن حقيقة الحكمة فى أكاديمية الخراتيت هذه
أكتب
عن البحر الذى يغتسل من الدَّرنِ
والسُّلِ
وهو يبحث لنفسه عن بحر آخر
ليقيم فيه
عن الشجرة
التى لا تعرف شيئًا عن حكمة الغناء
أو الرنين المغناطيس
وأشعة إكس
والعلاج الكيماوى
وجراحة القلب المفتوح


وسرطان الرئة
وحرب النجوم
والرأسماليةِ المتوحشةِ
والعولمةِ
واقتصاد السوق
وتفكُّك الامبراطورياتْ
وإعادة تصنيع الله
فى المصانع الورقيةِ !!
أكتب
عن الوردة التى لا تعرف شيئـًا عن فتنة الخلاصِ
وأحلام اليقظةِ
عن الأنا
والأنا الأعلى
وفلسفة نيتشة
والكوجيتو الديكارتىْ
ووحدة الوجود عند محى الدين بن عربىْ
وطواسين الحلاج
ونظرية الحلول
والاتحاد
عن البراجماتية وأثرها الحاسم فى لعبة التاريخ


والجغرافيا
أكتب
عن بلاغة اللغة فوق حنجرة فراشةٍ
وتعطل الضوء
على شفتىْ امرأة !!
أكتب
عن العدالة
التى نسيها الربّ
فى سنترال عمومى
وذلك بعد أن أخذ كافة
المفاتيح والأقفال
وترك الأطفال
يرجمونها بالحجارة
ويطاردونها بالأحذية والمسامير
ويقذفوها بالبصلِ
والطماطم !!
أكتب
عن قوات الطوارئ الدولية
وقوات الأمن المركزى
وقوانين الطوارئ


والقوانين الاستثنائية
ومجلس الأمن
وصكوك الغفران
والعالم أحادى القطبية
عن أمريكا المتوحشة
اللبؤة
وجنرالاتها الكلابْ
وهم يعتصرون العالم بين أسنانهم الشرهة
كما يعتصرون حبات الطماطم والفاصوليا
تقربًا
إلى كافة رؤسائهم القتلة
من ساكنى البيت الأبيض
ووكالة المخابرات الأمريكية
وعملاء الـ CIA
أولئك الحفنة من الخراتيت
المخنثون
الذين يحكمون العالم من خلف ظهر الله
بلا منازع ٍ
أو قوةٍ!!
أكتب


عن العنف
والعنف المضاد !!
أكتب
عن الثالوث المقدس
وحكمة الموت
والعشاء الأخير للمسيحِ
وحقيقة المناولةِ
عن الجسدِ
الذى تحول إلى خبزٍ
والخبز الذى تحول إلى خمر
والخمرِ التى تحولت إلى علفٍ
من عقائدَ
وأيديولوجياتْ !!
أكتب
عن القديس يوحنا المعمدان
الذى يهمل صلواته الأربع
من أجل إصلاح فردتىْ حذاء
على مذبح الربْ
بينما تركع السماء الراسخة
إلى جواره


وفى كوب مائه الذى يندلق !!
أكتب
عن أحجار الكنيسة المعلقة
والتى لا تعرف شيئـًا عن السيدة مريم العذراء
ويهوذا الاسخريوطى
وبيلاطس البنطى
ومريم المجدلية
ويوسف النجار
وحكاية الثلاثين فضة هذه
والإغواء الأخير للمسيح
للسيد كاز نتزاكس
أكتب
عن الهواء الذى يقف عاريًا ووحيداً
- وعلى عكازٍ وأعمى -
فى منطقةٍ ما
بين الشهيق والزفيرِ
ليتنفس ببطءٍ
وإنسانيةٍ
على كتفىْ امرأةٍ
تنام شبه عاشقةٍ !!


أكتب
عن الشيطان نفسه
الذى يقف فى نهاية النفق المظلم للممر الإنسانى
ممسكـأ
ببلطته المقدسة
لكى يقطِّع الرؤوس
ويفقأ العيون
ويمزق كل تلك الأرواح الإنسانية
المتسخة
ويحيل كافة العوالم
- المرئية
واللامرئية –
إلى أشلاءٍ
وجزازاتٍ
ويلقى بها فى نهاية الأمر
إلى صندوق قمامته الضخم -
والذى يعرف عادًة بالجحيمْ المنقعرْ
أنا الإنسان الغائب عن الوعى
والواعى بنصف عينْ
أكتب
عن موت العالم
والإنسان معًا !!
                             14/7/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق